ـ تفضلي..
ـ يدي يا دكتور..
ـ ما بالها؟..
ـ مجروحة..
ـ أرني ..
بسطت المرأة راحة كفها الأيسر أمامي ، فوجدتها قد أصيبت بجرح بسيط ، سألتها في حيرة:
ـ هل جئت من أجل هذا الجرح؟!..
أجابت في تلعثم ، وعيناها تجوبان أرجاء المكان:
ـ أجل ، لقد خشيت أن يؤثر النزيف على صحتي ، فأنا مريضة..
ـ مريضة؟!.. بماذا؟!
ـ أقصد صحتي سيئة..
تأملتها جيدا ، كانت امرأة في العشرينات من العمر ، وصحتها الظاهرة جيدة ، بل إن جسمها يميل إلى الامتلاء ، فأي سوء في الصحة تقصد؟
وخطر لي أنها مريضة نفسية مصابة بالوهم والوسوسة ، وقد هرعت إلى المستشفى مذعورة ، عندما رأت بضع قطرات من الدم تسيل من يدها الجريحة ، وخطر استمرار النزيف ، فجاءت إلى المستشفى تنشد المساعدة..
سألتها وأنا أبلل قطعة من القطن المعقم بالكحول:
ـ هل سبق أن أصبت بمرض دموي.
ـ لا.
ـ مرض نفسي؟
ـ أبدا.
ـ يبدو أنك كثيرة الوهم!..
لم تكترث بملاحظتي ، تركت يدها في يدي لأعالج جرحها ، وراحت ترنو إلى الطفلة اللقيطة بنظرات لاح فيها الإشفاق ، لم أحفل بنظراتها ، فالذي يمارس مهنة الطب ، يستطيع أن يدرك معنى الفضول الذي يطل من عيون الناس عندما يزورون عيادات الطوارئ..
ولفتت نظري ملاحظة طريفة!.. سألتها وأنا أتأمل الجرح الذي يمتد عبر راحة كفها الأيسر:
ـ بأي شيء جرحت يدك.
كانت ذاهلة عني غارقة في الشرود ، ونظراتها مازالت معلقة بالطفلة..
أعدت عليها السؤال فانتبهت وأجابت في ارتباك واضح:
ـ آه ، جرحتها ... جرحتها بسكين..
تعجبت لهذه السكين الكليلة التي يمكن أن تحدث مثل هذا الجرح ، فالمعروف أن الأدوات الحادة مثل الشفرات والسكاكين تحدث جرحا مستقيما منتظم الحواف ، أما جرح يدها فكان مشرشرا ، وكأنه قد أحدث بأداة كليلة ، كرأس مسمار أو...
سألتها ثانية وقد استولى عليَّ الفضول:
ـ ماذا كنت تعملين في هذا الوقت المبكر.
أجابت بلهجة أكثر تماسكا:
ـ كنت أعمل في المطبخ..
ـ في المطبخ؟!..
ـ أجل.
ـ هل أنت عاملة في فندق؟..
ـ بل ربة منزل.
تساءلت في سري عن السبب الذي يدعوها للعمل في المطبخ بعيد الفجر بقليل!.. خمنت أنها زوجة عامل من الذين ينطلقون إلى أعمالهم مبكرين..
في الحقيقة لولا مظهرها القلق ، لما تماديت في الأسئلة ، ذلك القلق أثار فضولي ، ليس القلق وحده ، كانت حزينة أيضا..
وفاجأتني بسؤال أثار انتباهي ، قالت:بينما كنت أحكم ربط الضماد حول يدهشة:
ـ ما هو مرض تلك الطفة؟..
تساءلت في دهشة:
ـ طفلة؟! ما أدراك أنها طفلة!..
بوغتت بالسؤال ، ابتسمت وقالت:
ـ مجرد تعبير عفوي ، هل هي طفلة حقا؟!..
ـ هي طفلة فهلا ، لكن ما الذي دفعك للاعتقاد بأنها طفلة؟!..
ـ قلت لك لم أقصد ، كل ما في الأمر أن النساء عادة يميلون لتأنيث الأشياء ، مثلما يميل الرجال لتذكيرها..
ـ هل أنت جامعية؟..
كنت طالبة في كلية الآداب ، لكني لم أتم تعليمي..
قلت لها بعد أن انتهيت من تضميد جرحها:
ـ سأكتب لك بعض المضادات الحيوية لوقاية الجرح من الالتهاب.
قالت وكأنها تريد أن تتخلص مني:
ـ لا. لا داعي ، أنا بخير الآن..
نظرت إليها في دهشة..
ـ لا داعي!..
وانتبهت لنفسها:
ـ اكتب ما تراه مناسبا.
وانتظرتني ريثما كتبت الوصفة ، ثم تناولتها ، ومضت مسرعة!..
ـ يدي يا دكتور..
ـ ما بالها؟..
ـ مجروحة..
ـ أرني ..
بسطت المرأة راحة كفها الأيسر أمامي ، فوجدتها قد أصيبت بجرح بسيط ، سألتها في حيرة:
ـ هل جئت من أجل هذا الجرح؟!..
أجابت في تلعثم ، وعيناها تجوبان أرجاء المكان:
ـ أجل ، لقد خشيت أن يؤثر النزيف على صحتي ، فأنا مريضة..
ـ مريضة؟!.. بماذا؟!
ـ أقصد صحتي سيئة..
تأملتها جيدا ، كانت امرأة في العشرينات من العمر ، وصحتها الظاهرة جيدة ، بل إن جسمها يميل إلى الامتلاء ، فأي سوء في الصحة تقصد؟
وخطر لي أنها مريضة نفسية مصابة بالوهم والوسوسة ، وقد هرعت إلى المستشفى مذعورة ، عندما رأت بضع قطرات من الدم تسيل من يدها الجريحة ، وخطر استمرار النزيف ، فجاءت إلى المستشفى تنشد المساعدة..
سألتها وأنا أبلل قطعة من القطن المعقم بالكحول:
ـ هل سبق أن أصبت بمرض دموي.
ـ لا.
ـ مرض نفسي؟
ـ أبدا.
ـ يبدو أنك كثيرة الوهم!..
لم تكترث بملاحظتي ، تركت يدها في يدي لأعالج جرحها ، وراحت ترنو إلى الطفلة اللقيطة بنظرات لاح فيها الإشفاق ، لم أحفل بنظراتها ، فالذي يمارس مهنة الطب ، يستطيع أن يدرك معنى الفضول الذي يطل من عيون الناس عندما يزورون عيادات الطوارئ..
ولفتت نظري ملاحظة طريفة!.. سألتها وأنا أتأمل الجرح الذي يمتد عبر راحة كفها الأيسر:
ـ بأي شيء جرحت يدك.
كانت ذاهلة عني غارقة في الشرود ، ونظراتها مازالت معلقة بالطفلة..
أعدت عليها السؤال فانتبهت وأجابت في ارتباك واضح:
ـ آه ، جرحتها ... جرحتها بسكين..
تعجبت لهذه السكين الكليلة التي يمكن أن تحدث مثل هذا الجرح ، فالمعروف أن الأدوات الحادة مثل الشفرات والسكاكين تحدث جرحا مستقيما منتظم الحواف ، أما جرح يدها فكان مشرشرا ، وكأنه قد أحدث بأداة كليلة ، كرأس مسمار أو...
سألتها ثانية وقد استولى عليَّ الفضول:
ـ ماذا كنت تعملين في هذا الوقت المبكر.
أجابت بلهجة أكثر تماسكا:
ـ كنت أعمل في المطبخ..
ـ في المطبخ؟!..
ـ أجل.
ـ هل أنت عاملة في فندق؟..
ـ بل ربة منزل.
تساءلت في سري عن السبب الذي يدعوها للعمل في المطبخ بعيد الفجر بقليل!.. خمنت أنها زوجة عامل من الذين ينطلقون إلى أعمالهم مبكرين..
في الحقيقة لولا مظهرها القلق ، لما تماديت في الأسئلة ، ذلك القلق أثار فضولي ، ليس القلق وحده ، كانت حزينة أيضا..
وفاجأتني بسؤال أثار انتباهي ، قالت:بينما كنت أحكم ربط الضماد حول يدهشة:
ـ ما هو مرض تلك الطفة؟..
تساءلت في دهشة:
ـ طفلة؟! ما أدراك أنها طفلة!..
بوغتت بالسؤال ، ابتسمت وقالت:
ـ مجرد تعبير عفوي ، هل هي طفلة حقا؟!..
ـ هي طفلة فهلا ، لكن ما الذي دفعك للاعتقاد بأنها طفلة؟!..
ـ قلت لك لم أقصد ، كل ما في الأمر أن النساء عادة يميلون لتأنيث الأشياء ، مثلما يميل الرجال لتذكيرها..
ـ هل أنت جامعية؟..
كنت طالبة في كلية الآداب ، لكني لم أتم تعليمي..
قلت لها بعد أن انتهيت من تضميد جرحها:
ـ سأكتب لك بعض المضادات الحيوية لوقاية الجرح من الالتهاب.
قالت وكأنها تريد أن تتخلص مني:
ـ لا. لا داعي ، أنا بخير الآن..
نظرت إليها في دهشة..
ـ لا داعي!..
وانتبهت لنفسها:
ـ اكتب ما تراه مناسبا.
وانتظرتني ريثما كتبت الوصفة ، ثم تناولتها ، ومضت مسرعة!..
No comments:
Post a Comment