Friday, March 12, 2010

البحث عن امرأة مفقودة - السادس الثلاثون و الأخير

أفقت من ذكرياتي كمن يستيقظ من سبات عميق!..



أين أنا؟


كان البحر ممتدا أمامي بلا نهاية ، وكان قرص الشمس يتوارى خلف الأفق مؤذنا بالمغيب..


كيف وصلت إلى هنا؟


وشعرت بالتعب والإعياء يدب في أوصالي..


لقد مضى علي ساعات طويلة وأنا أمشي غارقا في الذكرى غافلا عما حولي!..


لأول مرة أصدق بأن هناك أشخاصا يمشون أثناء النوم!..


جلست على صخرة قرب الشط ،


وأرسلت نظراتي إلى الأفق الأزرق المتوهج بألوان الغروب الحزينة ،


ما الذي نكأ ذاكرتي حتى تداعت فيها كل هذه الخواطر؟..


آه.. تلك الفتاة التي ظننتها أحلام..


لشد ما تأتيني هذه الحالة!..


صرت أراها في كل عين حالمة ، وفي كل وجه جميل..


وانتبهت إلى كرة تتدحرج قربي على الرمال..


ولم تلبث أن أتت خلفها طفلة صغيرة ،


ألفتني الطفلة أبكي في صمت ، فاقتربت مني وسألتني بصوت ناعم كزقزقات عصفور :


ـ "عمو".. لماذا تبكي؟


واساني سؤالها الرقيق ، حضنتها بنظرة حانية ، وأجبت :


ـ أضناني الشوق يا صغيرتي.. الشوق إلى صديقة قديمة..


اقتربت الطفلة أكثر ، وأخرجت من جيبها منديلا صغيرا ، وجففت به دموعي!..


أمسكت بيدها الغضة ، واحتضنتها داخل راحتي ،


ثم سألتها وأنا أرمقها في دهشة وإعجاب :


ـ لماذا فعلتِ ذلك؟


أجابت وهي تميل برأسها في حياء :


ـ لا أحب البكاء..


مسحت برأسها بود ، وقلت :


ـ أنت طفلة ذكية ولطيفة..


قالت بنبرة طفولية عذبة :


ـ أنت مثل "بابا".. كلما جلس وحده يبكي!..


آه يا صغيرتي.. الكون كله يبكي..


كيف نصنع لكم عالماً بلا أحزان؟


وسألتها باهتمام وأنا أتأمل ملامحها البريئة :


ـ ماذا تفعلين عندما تشاهدينه يبكي؟


ابتسمتْ وقالت وهي ترنو إليَّ في حياء :


ـ أمسح له دموعه ، و أحضر له كأس ماء..


طبعتُ على جبينها قبلة ، وقلت :


ـ أحسنت أيتها الطفلة الطيبة.. ما اسمك؟


التقطت كرتَها بعيون فرِحة ،


ثم قالت وهي تنطلق في مرح :

ـ اسمي أحلام..

No comments:

Post a Comment