صدر العدد الجديد من جريدة الأيام في اليوم التالي ، قرأ الناس فيه خبر الطفلة اللقيطة على الصفحة الأولى ، وتناقلت الألسنة قصة هذه الطفلة البائسة باستنكار ، قال هاني وهو يقلب صفحات الجريدة:
ـ لقد وفى الأستاذ سعيد بوعده ، وأورد الخبر بكل تفاصيله ، وها هي الخطة تمضي كما رسمناها..
قلت وأنا ساهم:
-إذا كانت والدة الطفلة بريئة مستغفلة كما توقعنا ، فسوف تأتي إلى هنا ، لتسأل عن طفلتها ، وإلا فسوف نعود إلى نقطة البداية..
ضحك هاني وقال وهو يرمي الجريدة خلف ظهره:
ـ تتحدث وكأنك محقق حاذق يقف أمام قضية معقدة ، لا أدري كيف أقنعتني بهذه اللعبة!..
قلت له بنبرة جد:
ـ أنا لا ألعب ، إذا كنت تظن الأمر لعبة ، بإمكانك أن تنسحب..
قال هاني ضاحكا:
ـ ولماذا أنسحب؟ أنا استمتع باللعبة ، وأنت تؤدي واجبك كما تعتقد ، كلانا في موقع واحد ، لكن كلا منا ينظر إلى الأمر من زاويته..
واستنفرنا لصد كل من يسأل عن الطفلة ، وانضمت ِإلينا أحلام ، بعد أن شرحت لها الغاية من الخبر الذي نشرنها ، ومضى النهار سريعا دون أن يسأل عن الطفلة أحد ، قال هاني بعد أن انتهى دوامه:
ـ اعذرني يا صديقي ، يجب أن أمضي..
ـ ألن تبقى معي لتكمل اللعبة كما تسميها؟
قهقه هاني عاليا ، وقال:
ـ عفوا ، أنا لا ألعب في الوقت الضائع ، تابع مهمتك يا بطل ، وأخبرني بالنتائج..
ومضى هاني ، فأشعرني انسحابه بأني أعبث ، وكدت أستسخف ما أقدمت عليه لولا أحلام التي أبدت تعاطفا واهتماما ، فقررت أن تمد نوبتها لتراقب نهاية التجربة..
ومضى اليوم الأول دون أن نظفر بنتيجة ، فشعرت بخيبة مؤلمة ، لكني لم أيأس ، استقبلت اليوم التالي بحماس شديد ، ورحت أترقب حضور الأم لتسأل عن طفلتها ، لكن شيئا من هذا لم يحدث!..
شعرت بالإحراج أمام هاني وأحلام ، وكل الذين تعاطفوا معي ، وحاصرني شعور مزعج بأني إنسان مبالغ ينخ الاهتمام في الأمور الصغيرة فتكبر وتنو وتتورم حتى تنفجر ، وتحدث حولها دويا مزعجا يلفت نحوه الأسماع والأنظار..
وانهال هاني عليَّ بتعليقاته اللاذعة ، يتهمني بالمراهقة تارة ، وبالبحث عن تسلية تارة ، ثم راح يرثى لحالي ، ويحذرني من طيبتي الزائدة التي تورطني في مواقف محرجة..
وبعد أيام ، تماثلت الطفلة اللقيطة للشفاء ، وأصبحت حالتها الصحية تسمح لها بالانتقال إلى ملجأ الأيتام..
قالت أحلام:
ـ لقد قدمت تقريرا مفصلا عن حالة الطفلة إلى مدير المستشفى ، ليقوم بتحويلها رسميا إلى ملجأ الحنان للأيتام..
قلت بنبرة آسفة:
ـ كنت أتمنى أن نصل إلى نتيجة..
ابتسمت أحلام وقالت مازحة:
ـ كانت مغامرة فاشلة هذه المرة ، ابحث عن مغامرة جديدة..
لم أجد ما أقوله ، تهالكت على كرسي قريب ، وجلست كالمهزوم..
قالت أحلام بلهجة تشي بالمواساة:
ـ على أية حال ، لقد قمت بجهد نبيل يستحق الاحترام..
شكرتها بإيماءة صامته ، ثم همست وأنا أهم بالنهوض ثانية:
ـ يبدو أني أبالغ كثيرا في اهتماماتي!..
ـ لا تؤنب نفسك ، أردت أن تقدم شيئا مفيدا ، فكان الأمر يفوق طاقتك..
لم تستطع كلمات أحلام الرقيقة أن تخفف عني ، تركتها وهي ترمقني في إشفاق ، وغادرت المكان..
استوقفتني أحلام بعد أن مضيت خطوات وسألتني:
ـ إلى أين؟
ـ إلى العم درويش..
ـ دائما تذهب إليه..
ـ لقد اشتقت إلى قهوته..
ـ بل قل أنك ذاهب لتبوح له بما يثقل صدرك..
ـ كيف عرفتِ؟
ـ كلنا نذهب إليه..
ـ معك حق..
ومضيت مثقلا بالخيبة ، يجتاحني شعور بالتفاهة ، ولم تلبث أحلام أن استوقفتني مرة أخرى:
ـ على فكرة...
ـ ماذا؟
ـ لقد أحضر العم درويش زوجته بالأمس ، وأراها الطفلة..
حملقت في الأرض ، وتصورت للحظة كل المعاني التي تكمن خلف هذه الزيارة، أردفت أحلام:
ـ لقد كان موقفا مؤثرا ، إني أرثي لهذين الزوجين العاثرين..
قلت وأنا أمضي:
ـ يبدو لي أنا جميعا بحاجة إلى رثاء..
ـ لقد وفى الأستاذ سعيد بوعده ، وأورد الخبر بكل تفاصيله ، وها هي الخطة تمضي كما رسمناها..
قلت وأنا ساهم:
-إذا كانت والدة الطفلة بريئة مستغفلة كما توقعنا ، فسوف تأتي إلى هنا ، لتسأل عن طفلتها ، وإلا فسوف نعود إلى نقطة البداية..
ضحك هاني وقال وهو يرمي الجريدة خلف ظهره:
ـ تتحدث وكأنك محقق حاذق يقف أمام قضية معقدة ، لا أدري كيف أقنعتني بهذه اللعبة!..
قلت له بنبرة جد:
ـ أنا لا ألعب ، إذا كنت تظن الأمر لعبة ، بإمكانك أن تنسحب..
قال هاني ضاحكا:
ـ ولماذا أنسحب؟ أنا استمتع باللعبة ، وأنت تؤدي واجبك كما تعتقد ، كلانا في موقع واحد ، لكن كلا منا ينظر إلى الأمر من زاويته..
واستنفرنا لصد كل من يسأل عن الطفلة ، وانضمت ِإلينا أحلام ، بعد أن شرحت لها الغاية من الخبر الذي نشرنها ، ومضى النهار سريعا دون أن يسأل عن الطفلة أحد ، قال هاني بعد أن انتهى دوامه:
ـ اعذرني يا صديقي ، يجب أن أمضي..
ـ ألن تبقى معي لتكمل اللعبة كما تسميها؟
قهقه هاني عاليا ، وقال:
ـ عفوا ، أنا لا ألعب في الوقت الضائع ، تابع مهمتك يا بطل ، وأخبرني بالنتائج..
ومضى هاني ، فأشعرني انسحابه بأني أعبث ، وكدت أستسخف ما أقدمت عليه لولا أحلام التي أبدت تعاطفا واهتماما ، فقررت أن تمد نوبتها لتراقب نهاية التجربة..
ومضى اليوم الأول دون أن نظفر بنتيجة ، فشعرت بخيبة مؤلمة ، لكني لم أيأس ، استقبلت اليوم التالي بحماس شديد ، ورحت أترقب حضور الأم لتسأل عن طفلتها ، لكن شيئا من هذا لم يحدث!..
شعرت بالإحراج أمام هاني وأحلام ، وكل الذين تعاطفوا معي ، وحاصرني شعور مزعج بأني إنسان مبالغ ينخ الاهتمام في الأمور الصغيرة فتكبر وتنو وتتورم حتى تنفجر ، وتحدث حولها دويا مزعجا يلفت نحوه الأسماع والأنظار..
وانهال هاني عليَّ بتعليقاته اللاذعة ، يتهمني بالمراهقة تارة ، وبالبحث عن تسلية تارة ، ثم راح يرثى لحالي ، ويحذرني من طيبتي الزائدة التي تورطني في مواقف محرجة..
وبعد أيام ، تماثلت الطفلة اللقيطة للشفاء ، وأصبحت حالتها الصحية تسمح لها بالانتقال إلى ملجأ الأيتام..
قالت أحلام:
ـ لقد قدمت تقريرا مفصلا عن حالة الطفلة إلى مدير المستشفى ، ليقوم بتحويلها رسميا إلى ملجأ الحنان للأيتام..
قلت بنبرة آسفة:
ـ كنت أتمنى أن نصل إلى نتيجة..
ابتسمت أحلام وقالت مازحة:
ـ كانت مغامرة فاشلة هذه المرة ، ابحث عن مغامرة جديدة..
لم أجد ما أقوله ، تهالكت على كرسي قريب ، وجلست كالمهزوم..
قالت أحلام بلهجة تشي بالمواساة:
ـ على أية حال ، لقد قمت بجهد نبيل يستحق الاحترام..
شكرتها بإيماءة صامته ، ثم همست وأنا أهم بالنهوض ثانية:
ـ يبدو أني أبالغ كثيرا في اهتماماتي!..
ـ لا تؤنب نفسك ، أردت أن تقدم شيئا مفيدا ، فكان الأمر يفوق طاقتك..
لم تستطع كلمات أحلام الرقيقة أن تخفف عني ، تركتها وهي ترمقني في إشفاق ، وغادرت المكان..
استوقفتني أحلام بعد أن مضيت خطوات وسألتني:
ـ إلى أين؟
ـ إلى العم درويش..
ـ دائما تذهب إليه..
ـ لقد اشتقت إلى قهوته..
ـ بل قل أنك ذاهب لتبوح له بما يثقل صدرك..
ـ كيف عرفتِ؟
ـ كلنا نذهب إليه..
ـ معك حق..
ومضيت مثقلا بالخيبة ، يجتاحني شعور بالتفاهة ، ولم تلبث أحلام أن استوقفتني مرة أخرى:
ـ على فكرة...
ـ ماذا؟
ـ لقد أحضر العم درويش زوجته بالأمس ، وأراها الطفلة..
حملقت في الأرض ، وتصورت للحظة كل المعاني التي تكمن خلف هذه الزيارة، أردفت أحلام:
ـ لقد كان موقفا مؤثرا ، إني أرثي لهذين الزوجين العاثرين..
قلت وأنا أمضي:
ـ يبدو لي أنا جميعا بحاجة إلى رثاء..
Ya allaaaaaaaaaaah <3 <3
ReplyDeleteinshallah kheir w el 3m drweesh ytbanahaaa <3 <3