ـ ما الذي دفع الجناة لأن يلقوا بالطفلة في العراء؟
قل هاني وهو يرتدي راءه الأبيض:
ـ أما زلت نفكر في تلك الطفلة؟
ـ لغزها يتحدى كل طاقاتي العقلية..
ـ آرسين لوبين في ثياب طبيب!..
ـ يقولون : إن آرسين لوبين خرافة لا وجود لها إلا في خيال المؤلف الذي اخترعها..
ابتسم هاني وقال في دعابة:
ـ وأنت خرافة لا تصدق ، أريد أن أسألك سؤالا ، وأرجو أن تجبني عنه بصراحة!..
ـ أسأل؟
ـ من الذي نصبك مسؤولا عن هذا العالم؟
ـ هل أبدو هكذا حقا؟..
ـ ماذا تقول إذن في طبيب يحقق في جريمة التقى صدفة بأحد عناصرها؟..
ـ سم ذلك فضولا..
ـ فضولك يتعبني ، يرهقني بالتساؤلات ، تسألني وكأني أنا الذي أنجبت تلك الطفلة وألقيتها فريسة للمجهول..
قلت أستفزه:
ـ كيف لم يخطر هذا ببالي؟..
لماذا لا تكون أنت والد الطفلة؟
هتف في إنكار:
ـ أنا؟!..
ثم ابتسم ساخرا وأردف:
ـ أنا كثيرا الأخطاء ، نعم ، ولكني أتحمل مسؤولية أخطائي..
أعدت عليه السؤال:
ـ ما الذي دفع بالجناة لأن يتخلصوا من الطفلة؟
ـ ها أنت تعود إلى السؤال نفسه!.. ، حسنا ، سأجيبك..
ثم تابع وهو يجلس على حافة السرير:
ـ الاحتمال الأول هو الخوف من الفضيحة.
ـ هذا الاحتمال ضعيف ، لأن عمر الطفلة يزيد عن أربعة أشهر..
ـ مهما يكن ، يظل الخوف من الفضيحة دافعا واردا..
ـ فكر بدافع آخر..
ـ الفقر والجوع إذن!..
ـ لا أعتقد أن في مجتمعنا فقرا يجعل الأسرة تلفظ أطفالها وتلقيهم فريسة للشقاء بهذه الوحشية..
ـ لا تكن متفائلا ، الفقر والجوع في لبنان دفع بعض العائلات يوما لأن تعلن عن حاجتها لبيع أبنائها من أجل ثمن الخبز..
ـ هذه حالات خاصة ومحدودة!..
ـ ما أدراك أنها تتسع؟
نظرت إلى هاني في قلق ، هل عاد الفقر ليضرب مجتمعاتنا من جديد؟
أفي عصر الثروات العربية يوجد من يجوع ويعرى ويضطر لبيع أطفاله من أجل لقمة طعام؟..
وقلت بعد صمت وتأمل:
ـ لا أعتقد أن الجوع أو الفقر يمكن أن يكون دافعا للتخلي عن هذه الطفلة بالذات ، لا تنس المبلغ الذي وجد بحوزتها ، إنه مبلغ لا يتوافر لفقير يضطره الجوع لأن يتخلى عن أطفاله..
قال هاني كالحائر:
ـ أنت على حق..
ثم أردف كمن يريد التخلص:
ـ هذا كل ما عندي ، فلا تسألني بعد الآن..
ضحكت ثم قلت:
ـ هاني ، أنا لا أريد أن أشغلك بقضية لا تهمك ، لكني أحاول التفكير بصوت مسموع..
ثم أردفت بعد صمت قصير:
ـ ألا يعقل أن يكون وراء هذه اللقيطة قصة إرث كبير ضن به الطامعون عليها حتى لا تشاركهم الميراث؟
هتف هاني ، وقد راقت له الفكرة:
ـ آه .. هذه هو ، بدأت أعتنق أفكارك كمحقق ذكي ، القصة أصبحت واضحة الآن..
رجل ثري عجوز تزوج من صبية جميلة طمعا بالإنجاب ، بعد أن يئس من إنجاب زوجته الأولى ، وعندما أنجبت الزوجة الثانية طار صواب الزوجة الأولى وقررت أن تتخلص من ابنة ضرتها التي جاءت تزاحمها على التركة الثمينة ، فتسللت تحت جنح الظلام وخطفت الطفلة ثم ألقتها في حديقة المسجد بعد أن تركت قربه مبلغا من المال..
لقد تابعت مسلسلا عربيا حول قصة كهذه..
فكرت قليلا ، ثم قلت:
ـ قد لا يكون الأمر بهذه الصورة تماما ، لكن قضية الصراع على الميراث ، قد تدفع بعض من أعمى بريق المال بصائرهم ، لأن يلغوا إنسانيتهم ويقترفوا إثما كهذا..
ثم استدركت وقد لمعت في بالي فكرة:
ـ لكن الأم الحقيقة في هذه الحالة ستسأل عن طفلتها بكل وسيلة ، ستطرق أبواب المستشفيات وأقسام الشرطة وملاجئ الأيتام ، ستقلب الدنيا بحثا عن طفلتها..
الأم عندما تفقد أحد أطفالها تصبح كاللبؤة الجريحة التي لا يقف في وجه ثورتها شيء..
فكرهاني وقال:
ـ هل تريد أن تقول...
ـ نعم ، إن الأم تبحث الآن عن أي خيط يقودها إلى طفلتها المفقودة..
جلس هاني قربي ، وقال في حماس:
ـ لقد بدأت أستمتع بلعبتك البوليسية!..
ـ هاني أنا لا ألعب..
ـ حسنا حسنا ، ماذا تريد أن تفعل الآن؟..
ـ يجب أن نعمم خبر وجود الطفلة عندنا في المستشفى بأية وسيلة..
ـ من خلال الصحافة مثلا..
ـ هل تعرف أحد يعمل في الصحافة؟..
ـ أعرف صحفيا مشهورا لا يشق له غبار..
ـ من هو؟
ـ الأستاذ سعيد الناشف ، صاحب جريدة الأيام..
ـ أمعرفتك به قوية؟..
ـ إنه صديق قديم لوالدي ، وهو يزورنا باستمرار..
وقفت وقلت بنبرة متفائلة:
ـ سنزوره بعد انتهاء الدوام..
ـ ولكن على شرط..
ـ ما هو؟
قال هاني في مكر:
ـ تملأ خزان سيارتي بالبنزين..
قل هاني وهو يرتدي راءه الأبيض:
ـ أما زلت نفكر في تلك الطفلة؟
ـ لغزها يتحدى كل طاقاتي العقلية..
ـ آرسين لوبين في ثياب طبيب!..
ـ يقولون : إن آرسين لوبين خرافة لا وجود لها إلا في خيال المؤلف الذي اخترعها..
ابتسم هاني وقال في دعابة:
ـ وأنت خرافة لا تصدق ، أريد أن أسألك سؤالا ، وأرجو أن تجبني عنه بصراحة!..
ـ أسأل؟
ـ من الذي نصبك مسؤولا عن هذا العالم؟
ـ هل أبدو هكذا حقا؟..
ـ ماذا تقول إذن في طبيب يحقق في جريمة التقى صدفة بأحد عناصرها؟..
ـ سم ذلك فضولا..
ـ فضولك يتعبني ، يرهقني بالتساؤلات ، تسألني وكأني أنا الذي أنجبت تلك الطفلة وألقيتها فريسة للمجهول..
قلت أستفزه:
ـ كيف لم يخطر هذا ببالي؟..
لماذا لا تكون أنت والد الطفلة؟
هتف في إنكار:
ـ أنا؟!..
ثم ابتسم ساخرا وأردف:
ـ أنا كثيرا الأخطاء ، نعم ، ولكني أتحمل مسؤولية أخطائي..
أعدت عليه السؤال:
ـ ما الذي دفع بالجناة لأن يتخلصوا من الطفلة؟
ـ ها أنت تعود إلى السؤال نفسه!.. ، حسنا ، سأجيبك..
ثم تابع وهو يجلس على حافة السرير:
ـ الاحتمال الأول هو الخوف من الفضيحة.
ـ هذا الاحتمال ضعيف ، لأن عمر الطفلة يزيد عن أربعة أشهر..
ـ مهما يكن ، يظل الخوف من الفضيحة دافعا واردا..
ـ فكر بدافع آخر..
ـ الفقر والجوع إذن!..
ـ لا أعتقد أن في مجتمعنا فقرا يجعل الأسرة تلفظ أطفالها وتلقيهم فريسة للشقاء بهذه الوحشية..
ـ لا تكن متفائلا ، الفقر والجوع في لبنان دفع بعض العائلات يوما لأن تعلن عن حاجتها لبيع أبنائها من أجل ثمن الخبز..
ـ هذه حالات خاصة ومحدودة!..
ـ ما أدراك أنها تتسع؟
نظرت إلى هاني في قلق ، هل عاد الفقر ليضرب مجتمعاتنا من جديد؟
أفي عصر الثروات العربية يوجد من يجوع ويعرى ويضطر لبيع أطفاله من أجل لقمة طعام؟..
وقلت بعد صمت وتأمل:
ـ لا أعتقد أن الجوع أو الفقر يمكن أن يكون دافعا للتخلي عن هذه الطفلة بالذات ، لا تنس المبلغ الذي وجد بحوزتها ، إنه مبلغ لا يتوافر لفقير يضطره الجوع لأن يتخلى عن أطفاله..
قال هاني كالحائر:
ـ أنت على حق..
ثم أردف كمن يريد التخلص:
ـ هذا كل ما عندي ، فلا تسألني بعد الآن..
ضحكت ثم قلت:
ـ هاني ، أنا لا أريد أن أشغلك بقضية لا تهمك ، لكني أحاول التفكير بصوت مسموع..
ثم أردفت بعد صمت قصير:
ـ ألا يعقل أن يكون وراء هذه اللقيطة قصة إرث كبير ضن به الطامعون عليها حتى لا تشاركهم الميراث؟
هتف هاني ، وقد راقت له الفكرة:
ـ آه .. هذه هو ، بدأت أعتنق أفكارك كمحقق ذكي ، القصة أصبحت واضحة الآن..
رجل ثري عجوز تزوج من صبية جميلة طمعا بالإنجاب ، بعد أن يئس من إنجاب زوجته الأولى ، وعندما أنجبت الزوجة الثانية طار صواب الزوجة الأولى وقررت أن تتخلص من ابنة ضرتها التي جاءت تزاحمها على التركة الثمينة ، فتسللت تحت جنح الظلام وخطفت الطفلة ثم ألقتها في حديقة المسجد بعد أن تركت قربه مبلغا من المال..
لقد تابعت مسلسلا عربيا حول قصة كهذه..
فكرت قليلا ، ثم قلت:
ـ قد لا يكون الأمر بهذه الصورة تماما ، لكن قضية الصراع على الميراث ، قد تدفع بعض من أعمى بريق المال بصائرهم ، لأن يلغوا إنسانيتهم ويقترفوا إثما كهذا..
ثم استدركت وقد لمعت في بالي فكرة:
ـ لكن الأم الحقيقة في هذه الحالة ستسأل عن طفلتها بكل وسيلة ، ستطرق أبواب المستشفيات وأقسام الشرطة وملاجئ الأيتام ، ستقلب الدنيا بحثا عن طفلتها..
الأم عندما تفقد أحد أطفالها تصبح كاللبؤة الجريحة التي لا يقف في وجه ثورتها شيء..
فكرهاني وقال:
ـ هل تريد أن تقول...
ـ نعم ، إن الأم تبحث الآن عن أي خيط يقودها إلى طفلتها المفقودة..
جلس هاني قربي ، وقال في حماس:
ـ لقد بدأت أستمتع بلعبتك البوليسية!..
ـ هاني أنا لا ألعب..
ـ حسنا حسنا ، ماذا تريد أن تفعل الآن؟..
ـ يجب أن نعمم خبر وجود الطفلة عندنا في المستشفى بأية وسيلة..
ـ من خلال الصحافة مثلا..
ـ هل تعرف أحد يعمل في الصحافة؟..
ـ أعرف صحفيا مشهورا لا يشق له غبار..
ـ من هو؟
ـ الأستاذ سعيد الناشف ، صاحب جريدة الأيام..
ـ أمعرفتك به قوية؟..
ـ إنه صديق قديم لوالدي ، وهو يزورنا باستمرار..
وقفت وقلت بنبرة متفائلة:
ـ سنزوره بعد انتهاء الدوام..
ـ ولكن على شرط..
ـ ما هو؟
قال هاني في مكر:
ـ تملأ خزان سيارتي بالبنزين..
No comments:
Post a Comment