قال هاني متذمرا وهو يدير المفتاح في المحرك:
ـ لقد تأخرت ، يبدو أن أحاديثكما كثيرة هذه الأيام..
ـ أحاديثنا؟!.. من تقصد؟!..
ـ أنت تعرف من أقصد..
ـ الدكتورة أحلام؟
ـ أجل.. إنها مهتمة بك!..
ـ حقا؟!..
نظر إليَّ نظرة خاطفة ثم تابع قائلا ، وهو يرقب الطريق أمامه:
ـ يعني لم تلاحظ!..
ـ الدكتورة أحلام مهذبة ولطيفة مع الجميع..
قال هاني وهو يمسك بطرف شاربه الكثيف الذي يهتم به كثيرا:
ـ أحلق شاربي هذا إن لم تكن قد لاحظت..
ـ ماذا تريد أن تقول؟..
ـ أريد أن أقول مبروك..
ـ على ماذا؟..
ـ لقد أحسنت الاختيار..
ـ هاني .. أنت تتسرع في فهم الأمور.
تنهد هاني متحسرا ، وقال بنبرة باردة:
ـ ستكون غبيا إذا خسرتها..
ـ من هي حتى أخسرها؟..
ضحك هاني ضحكة غريبة ، وهو يحملق بالأفق الممتد أمامه ، عبر نافذة السيارة الأمامية ، ثم قال وهو يفخم الكلمات كالساخر ، مستعينا بحركة يده وتعابير وجهه الممتعض:
ـ إنها الدكتورة أحلام ابنة الملياردير عبد الغني الذهبي.. شركات وصفقات وعقارات وأرصدة هائلة في البنوك.. مال وجاه وقوة ونفوذ..
حاكم بلا حكومة ، وملك بلا تاج.. أو كما يسمي نفسه الإمبرطور!..
ثم التفت هاني إليَّ متهكما وقال:
ـ ألم تسمع بالإمبروطورية الذهبية؟
ابتسمت وقلت:
ـ معلومات مهمة!.. من أين حصلت عليها؟
ـ تحريات خاصة..
ـ لعلك فكرت بالزواج منها..
ـ ورفضت؟
ـ رفضت!.. هل تقدمت إليها ورفضت؟!..
ـ أجل ، فأنا لا أليق ببنت السلطان..
ـ هذه الأسرار تنشر لأول مرة.!..
ـ لا تقل بأنك لا تعلم ، لابد أنها قد أخبرتك..
خرجت عن طوري قليلا ، وقلت معاتبا:
ـ هاني أنت تتصور أمورا غريبة لا وجود لها إلا في خيالك ، أنت تعلم أني شديد التحفظ في تعااملي مع الجنس الآخر ، أرجوك أن تنظر إلى الأمور بمنظار آخر..
إذا كنت قد سمعت منى تحوها بعض الثناء والإطراء فهذا لأنها تستحقه ، وليس مناورة لأحيطها بشباكي ، الدكتورة أحلام بالذات لا أستطيع إلا أن أكون لطيفا معها ، لأنها تعاملني معاملة طيبة ، وتبدي نحوي كل احترام..
هتف هاني وكأنه أمسك دليلا على أوهامه:
ـ ها أنت تعترف ، في علاقتكما شيء أكثر من الزمالة ، هناك خيط من الود والتفاهم المستور بالاحترام..
قلت وقد نفذ صبري على اتهاماته:
ـ هاني أرجوك ، لقد ضقت ذرعا بهذا النقاش ، أنت متوتر بعض الشيء لظروف قد لا أعرف تفاصيلها ، حاول أن تتخلص من أوهامك حتى لا تعكر صفو ما بيننا..
مال هاني بسيارته إلى جانب الطريق ، فأوقفها ، ثم ألقى برأسه على المقود في هددوء حزين ، واستمر كذلك برهة ، ثم التفت إليَّ وقال في ندم:
ـ صلاح إني أعتذر ، هل تقبل اعتذاري؟
قلت وأنا أشد بكفي على كتفه مواسيا:
ـ لست مضطرا للاعتذار ، أستطيع أن أتفهم موقفك..
استرخى هاني على كرسيه ، واستسلم لتيار من الكآبة ، ثم همس بنبرة حزينة:
ـ نعم ، من الصعب أن تجد نفسك مرفوضا من فتاة أحلامك التي اخترتها لتكون شريكة لك في الحياة ، لا أخفيك ، لقد زلزلتني الصدمة ، وقوضت أحلامي ، لشد ما أنا حزين..
قلت في محاولة للتخفيف عنه:
ـ هاني تماسك ، أحلام ليست الفتاة الأخيرة في العالم..
ـ تصورت أن فتاة غنية مثلها لابد أنها تبحث عن شاب ثري مثلي ، ولاسيما أننا زميلان في اختصاص واحد!..
ـ العواطف لا تخضع لحسابات العقل..
ـ ما آلمني أنها هي التي رفضتني!..
ـ ووافق أبوها؟..
ـ قالت : إني أحترمه كأخ وزميل ، لكني أعتذر عن الزواج منه.
ـ حاول أن تنساها..
ـ أحاول..
ـ ابتسم الآن..
أضاءت ملامحه نصف ابتسامة ، وغاب برهة في صمته ، ثم التفت إليَّ قائلا:
ـ سأكون سعيدا لو فزت بها أنت..
ـ هاني ، دعنا من هذه الحديث..
تابع هاني وكأنه لم يسمع رجائي:
ـ أنا أعلم أن أحلام ستذهب إلى غيري ، وأنت الإنسان الوحيد الذي أرضى أن تفضله عليَّ..
لأنك أفضل مني فعلا..
شعرت بالخجل أمام بوح هاني وتواضعه الفريد ، وهزني إخلاصه من الأعماق ، همست في حياء:
ـ هاني أرجوك ، لا تكرر هذا الكلام على سمعي بعد الآن..
ربت هاني على كتفي ، ثم أدار المفتاح ، وانطلق بسيارته في هدوء ، وقد ران علينا صمت مفعم بالمشاعر الرقيقة..
ما حيرني فعلا هو كتمان هاني لميله إلى أحلام عني ، وهو الذي لا يخفي عني سرا من أسراره!..
هاني كان يحبها منذ زمن بعيد؟ أم أن قرار مرتجلا دفعه إلى خطبتها فجأة؟..
أحيانا لا أستطيع أن أفهمه!.. إنه شاب مزاجي ، لكنه طيب جدا ، أطيب شاب عرفته في حياتي..
وداهمني سؤال..
هل أصبح اهتمامي بأحلام ، واهتمامها بي واضحا إلى الحد الذي جعل هاني يفصح عن غيرته مني..
وأنا أعز أصدقائه وأقربهم إلى نفسه؟..
الأشياء الكبيرة دائما تبدأ بسؤال!..
ـ لقد تأخرت ، يبدو أن أحاديثكما كثيرة هذه الأيام..
ـ أحاديثنا؟!.. من تقصد؟!..
ـ أنت تعرف من أقصد..
ـ الدكتورة أحلام؟
ـ أجل.. إنها مهتمة بك!..
ـ حقا؟!..
نظر إليَّ نظرة خاطفة ثم تابع قائلا ، وهو يرقب الطريق أمامه:
ـ يعني لم تلاحظ!..
ـ الدكتورة أحلام مهذبة ولطيفة مع الجميع..
قال هاني وهو يمسك بطرف شاربه الكثيف الذي يهتم به كثيرا:
ـ أحلق شاربي هذا إن لم تكن قد لاحظت..
ـ ماذا تريد أن تقول؟..
ـ أريد أن أقول مبروك..
ـ على ماذا؟..
ـ لقد أحسنت الاختيار..
ـ هاني .. أنت تتسرع في فهم الأمور.
تنهد هاني متحسرا ، وقال بنبرة باردة:
ـ ستكون غبيا إذا خسرتها..
ـ من هي حتى أخسرها؟..
ضحك هاني ضحكة غريبة ، وهو يحملق بالأفق الممتد أمامه ، عبر نافذة السيارة الأمامية ، ثم قال وهو يفخم الكلمات كالساخر ، مستعينا بحركة يده وتعابير وجهه الممتعض:
ـ إنها الدكتورة أحلام ابنة الملياردير عبد الغني الذهبي.. شركات وصفقات وعقارات وأرصدة هائلة في البنوك.. مال وجاه وقوة ونفوذ..
حاكم بلا حكومة ، وملك بلا تاج.. أو كما يسمي نفسه الإمبرطور!..
ثم التفت هاني إليَّ متهكما وقال:
ـ ألم تسمع بالإمبروطورية الذهبية؟
ابتسمت وقلت:
ـ معلومات مهمة!.. من أين حصلت عليها؟
ـ تحريات خاصة..
ـ لعلك فكرت بالزواج منها..
ـ ورفضت؟
ـ رفضت!.. هل تقدمت إليها ورفضت؟!..
ـ أجل ، فأنا لا أليق ببنت السلطان..
ـ هذه الأسرار تنشر لأول مرة.!..
ـ لا تقل بأنك لا تعلم ، لابد أنها قد أخبرتك..
خرجت عن طوري قليلا ، وقلت معاتبا:
ـ هاني أنت تتصور أمورا غريبة لا وجود لها إلا في خيالك ، أنت تعلم أني شديد التحفظ في تعااملي مع الجنس الآخر ، أرجوك أن تنظر إلى الأمور بمنظار آخر..
إذا كنت قد سمعت منى تحوها بعض الثناء والإطراء فهذا لأنها تستحقه ، وليس مناورة لأحيطها بشباكي ، الدكتورة أحلام بالذات لا أستطيع إلا أن أكون لطيفا معها ، لأنها تعاملني معاملة طيبة ، وتبدي نحوي كل احترام..
هتف هاني وكأنه أمسك دليلا على أوهامه:
ـ ها أنت تعترف ، في علاقتكما شيء أكثر من الزمالة ، هناك خيط من الود والتفاهم المستور بالاحترام..
قلت وقد نفذ صبري على اتهاماته:
ـ هاني أرجوك ، لقد ضقت ذرعا بهذا النقاش ، أنت متوتر بعض الشيء لظروف قد لا أعرف تفاصيلها ، حاول أن تتخلص من أوهامك حتى لا تعكر صفو ما بيننا..
مال هاني بسيارته إلى جانب الطريق ، فأوقفها ، ثم ألقى برأسه على المقود في هددوء حزين ، واستمر كذلك برهة ، ثم التفت إليَّ وقال في ندم:
ـ صلاح إني أعتذر ، هل تقبل اعتذاري؟
قلت وأنا أشد بكفي على كتفه مواسيا:
ـ لست مضطرا للاعتذار ، أستطيع أن أتفهم موقفك..
استرخى هاني على كرسيه ، واستسلم لتيار من الكآبة ، ثم همس بنبرة حزينة:
ـ نعم ، من الصعب أن تجد نفسك مرفوضا من فتاة أحلامك التي اخترتها لتكون شريكة لك في الحياة ، لا أخفيك ، لقد زلزلتني الصدمة ، وقوضت أحلامي ، لشد ما أنا حزين..
قلت في محاولة للتخفيف عنه:
ـ هاني تماسك ، أحلام ليست الفتاة الأخيرة في العالم..
ـ تصورت أن فتاة غنية مثلها لابد أنها تبحث عن شاب ثري مثلي ، ولاسيما أننا زميلان في اختصاص واحد!..
ـ العواطف لا تخضع لحسابات العقل..
ـ ما آلمني أنها هي التي رفضتني!..
ـ ووافق أبوها؟..
ـ قالت : إني أحترمه كأخ وزميل ، لكني أعتذر عن الزواج منه.
ـ حاول أن تنساها..
ـ أحاول..
ـ ابتسم الآن..
أضاءت ملامحه نصف ابتسامة ، وغاب برهة في صمته ، ثم التفت إليَّ قائلا:
ـ سأكون سعيدا لو فزت بها أنت..
ـ هاني ، دعنا من هذه الحديث..
تابع هاني وكأنه لم يسمع رجائي:
ـ أنا أعلم أن أحلام ستذهب إلى غيري ، وأنت الإنسان الوحيد الذي أرضى أن تفضله عليَّ..
لأنك أفضل مني فعلا..
شعرت بالخجل أمام بوح هاني وتواضعه الفريد ، وهزني إخلاصه من الأعماق ، همست في حياء:
ـ هاني أرجوك ، لا تكرر هذا الكلام على سمعي بعد الآن..
ربت هاني على كتفي ، ثم أدار المفتاح ، وانطلق بسيارته في هدوء ، وقد ران علينا صمت مفعم بالمشاعر الرقيقة..
ما حيرني فعلا هو كتمان هاني لميله إلى أحلام عني ، وهو الذي لا يخفي عني سرا من أسراره!..
هاني كان يحبها منذ زمن بعيد؟ أم أن قرار مرتجلا دفعه إلى خطبتها فجأة؟..
أحيانا لا أستطيع أن أفهمه!.. إنه شاب مزاجي ، لكنه طيب جدا ، أطيب شاب عرفته في حياتي..
وداهمني سؤال..
هل أصبح اهتمامي بأحلام ، واهتمامها بي واضحا إلى الحد الذي جعل هاني يفصح عن غيرته مني..
وأنا أعز أصدقائه وأقربهم إلى نفسه؟..
الأشياء الكبيرة دائما تبدأ بسؤال!..
No comments:
Post a Comment